الإثنين 29 أبريل 2024 الموافق 20 شوال 1445
رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
بدور ابراهيم
عاجل
بورصة واستثمار

القصة الكاملة لاستفادة مصر من فرص الاستثمار في سوق الكربون

الخميس 14/ديسمبر/2023 - 02:48 م
سوق الكربون
سوق الكربون

أصبح حماية المناخ توجه عالمي في ظل السعي لتقليل الآثار السلبية التي تنجم من الاحتباس الحراري والاستخدامات الضارة لعوامل البيئة، ما دعا العالم للتكاتف نحو التحول للأخضر خاصة لتخفيف آثار الانبعاثات الكربونية، وهو ما خلق فرصًا استثمارية واعدة تتطلع مصر إلى الاستفادة منها. 

تسعى مصر كدولة نامية لإصدار شهادات الكربون كوسيلة مبتكرة للتصدي للآثار السلبية لتغيرات المناخ المتعددة وجمع تمويلات مستدامة لاستحدامها في العديد من القطاعات التنموية.

حجم سوق الكربون عالميًا

تقدر قيمة سوق الكربون الطوعي خلال عام 2022 بنحو 2 مليار دولار أمريكي، وقد تم تداول ما يقرب من نصف مليار طن من أرصدة الكربون في عام 2021 عن طريق وضع معيار عالمي لأرصدة الكربون عالية الجودة، ما يساعد مبادئ الكربون الأساسية في رفع مستوى نمو السوق. 
كما بلغت قيمة تصاريح ثاني أكسيد الكربون المتداولة في الأسواق العالمية 760 مليار يورو (851 مليار دولار) خلال 2021، بنسبة نمو 164% وفقا لمحللو في ريفينيتيف. 
من المتوقع أن ينمو سوق احتجاز الكربون وتخزينه العالمي من 5.55 مليار دولار أمريكي في عام 2023 إلى 14.76 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030 بنمو سنوي مركب 15%. 
كما أن معظم الزيادة من نظام تداول الانبعاثات جاءت في الاتحاد الأوروبي (EU ETS)، والذي تم إطلاقه في عام 2005 وهو سوق الكربون الأكثر رسوخًا في العالم. 
يرى خبراء سوق المال أن منصة تداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية تخدم أهداف مصر في خدمة التنمية المستدامة والتحول إلى الأخضر، متوقعين قدرة المنصة على جذب استثمارات محلية وأجنبية خلال الفترة المقبلة باستثمارات يمكن توجيهها لقطاعات تنمية المجتمع. 
ترصد اليكم "أصول مصر" خلال السطور التالية كل ما يلزم معرفته عن سوق الكربون الطوعي بداية من تعريفه وأهميته وحتى الأطراف المتعاملين وأسلوب العمل من خلاله على النحو التالي. 

ما هو سوق الكربون؟ 

يعتبر  سوق طوعي منظم لمساعدة الكيانات العاملة في مختلف الأنشطة الإنتاجية في مصر وأفريقيا على الإنخراط في أنشطة خفض انبعاثات الغازات الدفيئة سواء على جانب العرض. 

أهمية سوق الكربون 

يمكن من خلاله الاستفادة من استصدار وبيع الشهادات الناتجة عن خفض الانبعاثات وتحقيق عائد مناسب لتغطية تكلفة الخفض، أو جانب الطلب الخاص بالشركات التي ترغب في تعويض انبعاثاتها الكربونية التي يصعب تخفيضها نظرًا لتكلفتها المرتفعة أو التي لا يمكن تجنبها.

أهداف سوق الكربون

تساعد أسواق الكربون الطوعية للشركات في استعادة جزء من إنفاقها الاستثماري الموجه لخفض الانبعاثات الكربونية الناتجة عن ممارسة أنشطتها وإعادة استثمار هذه الموارد في تحقيق الهدف الأكبر وهو الحياد الكربوني الذي تسعى لتحقيقه كل دول العالم.

البورصة المصرية تستثمر  في سوق الكربون

أعلنت البورصة المصرية في فبراير الماضي، عن تدشين السوق الأفريقي الطوعي لتداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية؛ في إطار سعي البورصة المصرية الدائم نحو التطوير المستمر وتوفير أدوات مالية جديدة وفي ضوء ما تم الإعلان عنه خلال قمة شرم الشيخ للمناخ COP27.
قال أحمد الشيخ، رئيس مجلس إدارة البورصة المصرية، إن سوق الكربون الطوعي بالبورصة المصرية خطوة مهمة نحو تعزيز التمويل المستدام والحد من مخاطر انبعاثات الغازات الدفيئة في مصر وأفريقيا والوصول إلى الحياد الكربوني، ويعكس التزام البورصة المصرية بتحقيق أهداف التنمية المستدامة ودعم المبادرات البيئية، ويأتي تفعيل سوق  تعزيزًا وتأكيدًا لدور مصر الريادي في أفريقيا. 

كما أكد الشيخ أن السوق يأتي بعد جهود مشتركة وتنسيق متواصل بين البورصة المصرية والهيئة العامة للرقابة المالية، وفي ظل الرؤية المشتركة لتطوير سوق الأوراق المالية واستحداث أدوات مالية تتناسب مع متطلبات السوق وللمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتحقيق رؤية مصر 2030، وتوفير التمويل اللازم للكيانات الاقتصادية للتوسع في المشروعات منخفضة الانبعاثات. 

أضاف أن السوق جاهزة لتنفيذ أي عمليات عليها داخل البورصة المصرية، وهي سوق طوعية وليست إلزامية على مستوى إفريقيا. 

كما ذكر أن السوق ستبدأ بنظام المزاد الواحد، وكلما توفرت قوى العرض والطلب اللازمة لعقد المزاد سيتم تنظيمه، ثم بعد تزايد حجم العروض والطلبات من الممكن أن يعقد المزاد بطريقة منتظمة، حتى نصل إلى المزاد المستمر خلال الفترة المقبلة. 
أوضح أن من يرغب في التقدم للحصول على الترخيص لعملية المصادقة والتحقق في مصر، يتقدم بها ولكن حتى الآن تتبنى جهة مصرية لإجراء عملية التحقق. 

أشار إلى أنه مع صدور الضوابط المنظمة لها نأمل أن يكون هناك جهات منظمة مصرية معترف بها دوليا لعمليات المصادقة على الشهادات. 

كما تقوم البورصة المصرية بمشاورات مع عدد من شركات الوساطة في الأوراق والأدوات المالية وغيرها من الكيانات المؤهلة لدراسة إمكانية القيام بدور الوساطة بين المشترين والبائعين لتسهيل عملية تداول شهادات خفض الانبعاثات، وتقديم خدمات تحقق أقصى درجات الاستفادة لكافة أطراف السوق. 

مع تزايد عدد الطلبات لابد من وجود من وسطاء ماليين لتسهيل عملية التداول، وفقا لأحمد الشيخ رئيس البورصة المصرية الذي أشار إلى أنه سيتم الإعلان عن متطلبات الترخيص للوسطاء الماليين من قبل هيئة الرقابة المالية، ومن يستوفي الشروط سيحصل على الرخصة. 

تابع أن حتى الآن من لديه عروض أو طلبات يتقدم مباشرة للبورصة المصرية لأن الكميات ليست كبيرة، موضحا أن هناك اهتماما في قطاعات الزراعة والأسمدة، لكن إصدار هذه الشهادات متاحة في جميع القطاعات. 

نوه إلى أن اللاعبين الرئيسين المستهدفون بهذه السوق هم كل من لديه شهادات استطاع إصدارها والمصادقة عليها يستطيع التقدم بها كبائع، مضيفا أن هناك 3 مشاريع مصرية تم تسجيلها على الموقع الإلكتروني وجمعيها شهادات قابلة للتداول، فضلا عن مشروع آخر من إحدى الدول في آسيا تم تسجيله أيضا على منصة التداول. 

فريد: سوق الانبعاثات محوري ويساعد القارة الأفريقية على تحقيق الحياد الكربوني 

من جانبه، قال الدكتور محمد فريد رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، إطلاق دولة رئيس مجلس الوزراء السوق الافريقي الطوعي الجديد للكربون، يعتبر لحظة تاريخية والذي سيكون بمثابة سوق محوري يساعد القارة الأفريقية على تحقيق الحياد الكربوني وفق المعايير الدولية، ويعزز من مستوى انخراط الشركات الافريقية في الوصول إلى التمويلات المناخية المبتكرة. 
أكد فريد أن مصر ستقود عملية تطوير وتنفيذ السوق الجديد ومقره في مصر، ليكون المنصة الأفريقية التي تقدم خدماتها بجودة وفاعلية للقارة الأفريقية لتعظيم استفادتها من كافة التطورات المطبقة عالميا فيما يتعلق بخفض الانبعاثات الكربونية، وتأهيلها لإصدار شهادات كربون بموجب الخفض يمكن تداولها لتحقيق منافع تجارية. 

من جانبه  قال محمد عطا، مدير التداول بشركة يونيفرسال لتداول الأوراق المالية، إن إطلاق السوق الافريقي الطوعي لتداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية أصبح توجها عالميا واقليميا ومحليا للتحول إلى الأخضر مع تحقيق أهداف التنمية المستدامة. 
واعتبر البورصة المصرية أفضل سبل تداول شهادات الكربون، متوقعا قدرتها على جذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية من خلال تلك المنصة التي يتم تداول أرصدة الكربون من خلالها. 

تابع أن العالم أصبح يتوجه عالميا لمشاريع التنمية المستدامة والتحول إلى الأخضر لما يملكه من فرص نمو كبيرة وواعدة. 

مدبولي: سوق الكربون يعد ترجمة سريعة لشعار كوب٢٧ 

كما أعرب الدكتور مصطفى مدبولي، عن بالغ سعادته بإطلاق مصر لأول سوق أفريقي طوعي لإصدار وتداول شهادات الكربون، مشيدا بالدور الذي قامت به إدارتي الهيئة العامة للرقابة المالية والبورصة المصرية، في ترجمة سريعة لشعار قمة المناخ هذا العام وهو الانتقال من مرحلة التعهدات إلى مرحلة التنفيذ. 
أوضح رئيس مجلس الوزراء، أن إطلاق السوق الطوعي الجديد يؤكد قدرات الدولة المصرية في المشاركة بفاعلية نحو دفع جهود تحقيق الهدف الدولي وهو الحياد الكربوني. 
يعتبر هذا السوق اتساقا مع الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050 والتي تتبناها وتنفذها الادارة المصرية، وتستهدف في ركيزتها الرابعة تعزيز البنية التحتية لتمويل المناخ. 
أسلوب العمل من خلال المنصة 
تم تدشين الموقع الإلكتروني الخاص بسوق الكربون الطوعي (www.africarbonex.com) تسهيلا على الكيانات الاقتصادية المختلفة الانضمام للسوق من داخل وخارج مصر والقارة الأفريقية والذي تم تصميمه وتشغيله بفكر وأيدي شباب البورصة المصرية، لكي تستطيع الشركات عرض كافة البيانات الخاصة بالمشروعات التي تم اصدار شهادات خفض الانبعاثات لها وذلك لاستكشاف السوق تمهيدًا لبدء التداول عليها من خلال نظام التداول والتسوية الذي تم تطويره بفكر وأيدي مصرية بشركة مصر لنشر المعلومات المملوكة للبورصة المصرية. 

المنصة تتسق مع رؤية الدولة لتحقيق مستهدفات الاقتصاد الأخضر 

من جانبها قالت الدكتورة هالة السعيد أن المنصة الجديدة تتسق مع رؤية الدولة المصرية لتحقيق مستهدفات الاقتصاد الأخضر ودعم استراتيجية التنمية المستدامة، لتشير إلى أن الحكومة ستعمل على تقديم كافة الضمانات والحوافز المطلوبة لدعم الخطط ونماذج العمل التي تدفع نحو تحقيق التنمية المستدامة وخاصة التي توفر حلول لمعالجة كافة الاثار الناجمة عن التغيرات المناخية. 
كما يدعم نظام التداول العديد من آليات التداول ومنها مزاد البيع/الشراء المفتوح، والمزاد المستمر، كما تدعم منصة التداول تنفيذ الصفقات التي يتم الاتفاق على سعرها وكمية تنفيذها بين البائع والمشتري، وتقوم بتسوية العمليات المنفذة سواء نقديًا أو ماديًا شركة تسويات لخدمات التقاص المملوكة للبورصة المصرية. 
وتقدمت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، بالشكر والتقدير لقيادات الهيئة العامة للرقابة المالية والبورصة المصرية، على ما قدموه من جهد لتحويل السياسات والأفكار إلى واقع نراه الآن وهو لحظة تدشين أول سوق أفريقي طوعي لشهادات الكربون، مؤكدة أن مصر جاهزة لدعم أفريقيا في التحول نحو تنفيذ تعهدات العمل المناخي من خلال المنصة الطوعية للكربون. 

الأطراف المتعاملون بالسوق 

تتم عملية التداول والتسوية تحت إشراف ورقابة الهيئة العامة للرقابة المالية ووفقا للقرارات التنظيمية التي أصدرها مجلس إدارة الهيئة لدعم السوق، والتي تضمنت القرار رقم (163) لسنة 2023 بشأن معايير قيد جهات التحقق والمصادقة لمشروعات خفض الانبعاثات الكربونية لدى الهيئة، فضلًا عن القرارين (57) و(58) لسنة 2023 بشأن تشكيل لجنة الإشراف والرقابة على وحدات خفض الانبعاثات الكربونية واختصاصاتها، على أن تشكل اللجنة برئاسة رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية وعضوية ممثلي كل من الهيئة العامة للرقابة المالية، ووزارة البيئة، والبورصة المصرية بالإضافة إلى عضو من ذوي الخبرة من الجهات العاملة في مجال أسواق الكربون، كما سوف تصدر الهيئة قرارا يتضمن معايير اعتماد سجلات الكربون الطوعية.