استقرارنا المشترك … أساس الاستثمار والنهوض بقلم- مها سالم

في زمن التحديات المتشابكة، لم يَعُد مقبولًا أن نستمر في إدارة ظهورنا بعضنا لبعض، في حين تتهاوى فرصنا وتُعاد صياغة خرائط النفوذ حولنا.
إن ما تواجهه منطقتنا العربية اليوم يتجاوز الخلافات السياسية ليصل إلى قلب معادلة التنمية والاستقرار والاستثمار.
نحن أمام لحظة إفاقة كبرى، تدعونا إلى مراجعة أولوياتنا بصفتنا عربًا وإقليمًا أُطلِق عليه الشرق الأوسط، حكومات وقطاعًا خاصًّا ومجتمعات ونخبًا؛ فالخطر لا يهدد دولة بعينها، بل يهددنا جميعًا.

وكل تأخير في إدراك «مصلحتنا المشتركة» هو خصم مباشر من فرص النمو ومن طموحات أجيال تنتظر منا مشروعًا واضحًا، لا شعارات مستهلكة.
ليس المطلوب إجماعًا خطابيًّا، بل تحالف عقلاني يقوم على المصالح الإستراتيجية، ويؤسس لتكامل حقيقي في مجالات القرار والسيادة، والأمن الغذائي والمائي، والربط اللوجستي، والتحول الأخضر، ومشروعات إعادة الإعمار، التي لن تُبنى إلا على أرض مستقرة ومتفقة.
الأصول تفرض أن نؤجل تنافسنا اليوم لنرسم غدًا مختلفًا، فبدلًا من تسويق كل دولة لنفسها باعتبارها «الملاذ الوحيد»، لماذا لا نبني خطة تسويقية متكاملة تُعيد تقديم المنطقة بأكملها باعتبارها وجهة آمنة مستقرة صاعدة، تملك مقومات جذب كبرى في التجارة والطاقة والبناء والتقنية والسياحة؟!
صورة مختلفة تمامًا عما يُراد لنا.
ولعل لهذا الطرح مقالًا مستقلًّا، ولكن البداية في الوعي.
ليس المطلوب إجماعًا خطابيًّا، بل تحالف عقلاني يقوم على المصالح الإستراتيجية، ويؤسس لتكامل حقيقي في مجالات القرار والسيادة، والأمن الغذائي والمائي، والربط اللوجستي، والتحول الأخضر، ومشروعات إعادة الإعمار، التي لن تُبنى إلا على أرض مستقرة ومتفقة.
الإعلام بدوره مطالب بالانتقال من ساحة التشكيك والتحريض إلى منصة الرؤية والتخطيط.
والتعليم والثقافة لا يمكن أن يكونا ترفًا مؤجلًا، بل واجهة الدفاع الأولى عن العقل العربي؛ عن هويته وعن قدرته على الإنتاج لا الاستهلاك.
والنخب الاقتصادية، وخصوصًا في مجالات الاستثمار والبنية التحتية، مدعوة لقيادة هذا الوعي الجديد، والنظر إلى الأسواق العربية بوصفها وحدة إستراتيجية، لا مربعات تنافس مؤقت.
المستقبل لا تصنعه الصدفة ولا يُمنَح لمن ينتظر، بل يُنتزَع بمن يمتلك الرؤية، ويؤمن بالناس، ويصوغ التحالفات لا لإرضاء الخارج، بل لصناعة توازن يحمي الداخل.
مدير تحرير جريدة الأهرام
