بعد خفض أبريل.. هل يواصل البنك المركزي سياسة التيسير خلال الاجتماع المقبل؟

يستعد البنك المركزي المصري لعقد اجتماعه المقبل وسط ترقب واسع من قبل الأسواق والمحللين بشأن اتجاه السياسة النقدية، خاصة بعد سلسلة من المؤشرات الاقتصادية التي فتحت الباب أمام إمكانية خفض جديد لأسعار الفائدة.
ويأتي الاجتماع بالتزامن مع ارتفاع معدل التضخم الأساسي السنوي إلى 10.4% في أبريل 2025 مقارنة بـ 9.4% في مارس، بينما سجّل التضخم العام للحضر ارتفاعًا طفيفًا ليبلغ 13.9%، مقابل 13.6% في مارس، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
ورغم هذه الزيادات، يرى عدد من المؤسسات البحثية والخبراء أن الأفق لا يزال مفتوحًا أمام مواصلة التيسير النقدي بنسبة تتراوح ما بين 1 إلى 2٪، معتمدين على استقرار نسبي في المؤشرات الكلية وتراجع تدريجي في معدلات التضخم على أساس سنوي.
وكان البنك المركزي قد قرر في أبريل الماضي خفض أسعار الفائدة بمقدار 2.25%، لأول مرة منذ عام 2020، لتستقر أسعار العائد الأساسية عند 25.00% للإيداع و26.00% للإقراض و25.50% لسعر العملية الرئيسية.
وبحسب تصريحات الخبير الاقتصادي محمد أنيس، فإن المركزي المصري قد يُقدم على خفض جديد يتراوح بين 1% إلى 2% خلال اجتماع المقبل
أشار إلى أن التراجع في معدلات التضخم يمنح مجالًا واسعًا لاتخاذ هذه الخطوة دون المساس باستقرار السوق.
خفض سعر الفائدة خلال اجتماعه المقبل
في السياق ذاته، توقعت الخبيرة المصرفية سهر الدماطى، أن يستمر البنك المركزى المصرى فى خفض سعر الفائدة خلال اجتماعه المقبل، لتكون نسبة الخفض من 1٪ إلى 2٪.
وأرجعت توقعاتها إلى أن الخفض يهدف إلى دعم النشاط الاقتصادى وتحريك عجلة النمو، وعمل توازن بين تحفيز النمو الاقتصادى وتقليل تكلفة التمويل على القطاع الخاص، مع توخى الحذر من أى ضغوط تضخمية قد تظهر خلال الأشهر المقبلة نتيجة الزيادات الأخيرة فى أسعار الوقود.
وأشارت بحوث شركات مثل فيصل لتداول الأوراق المالية، وإتش سي للأوراق المالية، وفاروس القابضة إلى أن خفضًا جديدًا بنسبة 2% يبدو مرجّحًا، خاصة مع تحسن ميزان المدفوعات، صافي الأصول الأجنبية، واستقرار الجدارة الائتمانية كما يظهر من مؤشر مقايضة مخاطر الائتمان (CDS) الذي استقر عند 354 نقطة أساس.
ورغم التحسن العام، نبّهت بعض المؤسسات إلى ضرورة توخّي الحذر، في ظل تحذيرات صندوق النقد الدولي من التسرع في خفض الفائدة، مما قد يؤدي إلى ضغوط تضخمية إذا لم يُدار بحذر.
وتوقعت إدارة البحوث المالية بشركة إتش سي للأوراق المالية والاستثمار أن يخفض البنك المركزي المصري سعر الفائدة 2% في اجتماعه المقرر عقده الخميس المقبل، في ضوء آخر تطورات الاقتصاد الكلي المصري والأوضاع الجيوسياسية.
وقالت هبة منير، محلل الاقتصاد الكلي بشركة إتش سي في بيان اليوم، إنه بالنظر إلى المؤشرات التالية، نرى أن الوضع الخارجي لمصر يشهد استقرارًا.
وأشارت إلى أن سجل ميزان المدفوعات للربع الثاني من السنة المالية 24/25 حقق فائضًا قدره 489 مليون دولار ، مقابل عجز قدره 638 مليون دولار في الربع الثاني من السنة المالية 23/24 وأيضا عجز قدره 991 مليون دولار في الربع الأول من السنة المالية 24/25.
ويُعزى ذلك بشكل رئيسي إلى تسجيل صافي أخطاء وسهو بالموجب بقيمة 1.52 مليار دولار على الرغم من عدم وضوح طبيعتها.
وأوضحت منير أن صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي اتسع بشكل ملحوظ بمقدار 4.86 مليار دولار على أساس شهري إلى 15.0 مليار دولار في مارس من 10.2 مليار دولار في فبراير، متعافيًا من صافي التزامات أجنبية بقيمة 4.19 مليار دولار العام الماضي.
وأوضحت أن قيمة مبادلة مخاطر الائتمان لمدة عام واحد لمصر استقرت عند 354 نقطة أساس مقارنة بـ 379 نقطة أساس في بداية العام.
وأشارت منير إلى أن تضخم شهر أبريل جاء قريبًا من تقديراتنا البالغة 13.8% على أساس سنوي و1.5% على أساس شهري، بالتوازي مع متوسط توقعات المحللين من قبل رويترز البالغ 13.9%.
ويعزى ذلك بشكل رئيسي إلى الزيادة في أسعار البنزين والسولار في 11 أبريل بنحو 12-15%.
أما عن طروحات أذون الخزانة، فلقد شهدت أسعار الفائدة عليها بعض التقلبات، حيث عكس آخر طرح لأذون الخزانة لأجل 12 شهرًا بعائد 24.833% عائد حقيقي إيجابي بمقدار 9.32% (بمتوسط توقعات التضخم لمدة 12 شهرًا عند 11.8%) (وبعد خصم نسبة ضريبة 15% للمستثمرين الأوروبيين والأمريكيين).
وأكدت أن الاقتصاد المصري تمكن من احتواء بعض الضغوط التضخمية وإن كانت لا تزال أعلى من مستهدفات البنك المركزي المصري؛ إلا أنها في اتجاه نزولي بشكل رئيسي بسبب تأثير سنة الأساس.
وأوضحت أن التدفقات الأجنبية في أدوات الدين الحكومي لدينا لا تزال جذابة، وأن هناك تحسنًا ملحوظًا في وضع صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي، الأمر الي يعكس تحسن ملحوظ في سيولة وتوافر العملات الأجنبية.
لهذه الأسباب توقعت إتش سي أن تخفض لجنة السياسات النقدية أسعار الفائدة بمقدار 2% في اجتماعها المقبل، وذلك بشكل رئيسي لتحفيز النمو الاقتصادي، مع الاخذ في الاعتبار الاستقرار النسبي في الظروف الاقتصادية المحلية والدولية مقارنة بالشهر السابق.
ترى شركة فاروس القابضة للاستثمارات المالية أن البنك المركزي أمامه مساحة واسعة لخفض سعر الفائدة 2% في اجتماعه المقبل على الرغم من ارتفاع معدل التضخم.
وأشارت الشركة إلى أنه على الرغم من ارتفاع التضخم السنوي في أبريل، لا ترى أي ضرر يُذكر لإمكانات التأجير فمن ناحية قراءات التضخم تحوم حول مستويات مريحة نسبياً.
ورجحت الشركة أن يسجل أعلى قراءة متوقعة للتضخم خلال العام الحالي 16%، وأكدت أن توقعات التضخم الحالية تمنح البنك المركزي المصري الفرصة لخفض أسعار الفائدة دون الإضرار بهذا الهدف.
اتسع معدل العائد الحقيقي على الجنيه المصري بالموجب إلى 11.4% بعد تراجع معدل التضخم في فبراير الماضي.