خبراء: استخدام رأس شقير في إصدار صكوك سيادية خطوة جيدة لخفض الديون.. بشروط

قال خبراء اقتصاد وماليون إن تخصيص الدولة مساحة أرض شاسعة في البحر الأحمر تبلغ 174.4 مليون متر مربع بهدف إصدار صكوك سيادية بضمانها وخفض الدين العام، هي خطوة مهمة على الطريق الصحيح، لتنويع مصادر تمويل مشروعات الدولة وتخفيف الضغط على موازنة الدولة.
وأكد اقتصاديون أن نجاح هذه الخطوة يتطلب تحركاً موازياً من قبل الجهات الحكومية المعنية بجذب الاستثمارات حتى تتمكن من بناء مشروعات بقطاعات مختلفة مثل السياحة والطاقة والصناعة، ما يساعد على جذب استثمارات أجنبية مباشرة وتوليد عائدات، تسهم في سد عائد إصدار الصكوك وتغطية قيمة الإصدار عند حلول موعد استحقاقه.
أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي قراراً بتخصيص قطعة أرض بمساحة 174.4 مليون متر مربع من المساحات المملوكة للدولة ملكية خاصة في محافظة البحر الأحمر لصالح وزارة المالية؛ لاستخدامها في خفض الدين العام للدولة وإصدار الصكوك السيادية.
لن يتم بيع الأرض
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي محمد عبد العال، إن الأرض مملوكة للدولة ، وتم تخصيصها وليس بيعها لوزارة المالية، ويعنى ذلك عدم جواز بيع تلك الأرض حالياً ، أو مستقبلاً ، لاى جهة محلية أو خارجية.
وأوضح أن الغرض الأساسى من عملية التخصيص هو إستخدام تلك الأرض كضمانة لإصدار الصكوك السيادية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، على أن تدفع وزارة المالية عائد دوري للمستثمرين الذين سيتكتتبوا في هذه الصكوك.
وأضاف عبد العال أن الأمر ببساطة يستهدف إتاحة أرض مميزة يمكن لوزارة المالية استخدام عوائد استثمارها ، فى استثمارات مباشرة ، أو إستثمارات مشتقة، عبر إصدار سندات سيادية ، تقوم باستخدام صافى عائداتها ، فى خفض عجز الموازنة والدين العام .
ما هي الصكوك؟
وتعد الصكوك السيادية أداة تمويل تستخدم في تمويل الاحتياجات المالية للمشروعات الاستثمارية القومية، و التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وايضاً هى احد مصادر تمويل عجز الموازنة العامة للدولة، مثلها مثل السندات واذون الخزانة ، ولكنها تختلف عنهما فى ثلاث اختلافات جوهرية.
أوضح عبد العال أن الصكوك تختلف عن السندات التقليدية بأنها لا تعتبر ديونًا على الدولة، وإنما تمثل ملكية شائعة جزئية في أصول أو مشاريع معينة، حيث إن الصكوك السيادية تضمنها أصول حقيقية مثل الارض وما سوف يشتق عليه من استثمارات ومشروعات، بينما السندات تمثل ديونًا على الدولة، مع دفع فوائد ثابتة أو متغيرة عليها .
وتابع: الاختلاف الثاني هو أن الصكوك السيادية تخضع للمضاربة وتتعرض للخسارة والربح، على عكس السندات التى تتحدد قيمة عائدها الثابت مسبقاً و يتم صرفه دوريا ، أو فى نهاية أجل الورقة المالية مضافا اليه قيمة السند الإسمية دون زيادة أو نقصان .
وأشار إلى أن الصكوك السيادية تتوافق مع تطبيقات المعاملات وفقاً لمبادئ الشريعة، حيث يمكن ان تصدر فى شكل صكوك مضاربة، او صكوك مرابحة، او صكوك مشاركة، او صكوك اجارة.
وتشهد سوق الصكوك الإسلامية عالمياً نمواً، مع تجاوز القيمة الإجمالية للأصول الإسلامية إلى ما يفوق ال٢ تريليون دولار، مسجلة معدل نمو سنوي مركب يقارب 16%. مع إصدار سنوي يتجاوز 200 مليار دولار.
خلق سوق محلية لتداول الصكوك
من جانب آخر، لفت عبد العال إلى أن الحكومة تستهدف خلق سوق جديدة لتداول الصكوك السيادية ، بما يتناسب مع نمو سوق المال المصرى، وأهمية أن تتوفر منصات مصرية لتداول مثل تلك الصكوك تلبية لطلبات المستثمرين المحليين والاجانب وتمشيا مع رواج هذا السوق اقليميا وعالمياً.
ونوه بان الصكوك تحقق توافق مع التوجهات الاقتصادية العالمية خاصة مع توجه بعض الدول لخفض أسعار الفائدة، مما قد يقلل من تكلفة التمويل من خلال أدوات مثل الصكوك ومقابلة الطلب على أدوات التمويل الإسلامي، الذي يتزايد خاصة في الدول ذات الاقتصاد الإسلامي القوي.
خطوة استراتيجية بالغة الأهمية في مسار إدارة أصول الدولة
من جهته، أكد أيمن الصاوي، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة بكرة القابضة، أن قرار نقل ملكية قطعة أرض ضخمة في البحر الأحمر وسط ترجيحات بأن تكون في منطقة رأس شقير من الدولة إلى وزارة المالية يمثل خطوة استراتيجية بالغة الأهمية في مسار إدارة أصول الدولة بشكل حديث وفعّال، ضمن رؤية تستهدف خفض الدين العام وتمويل المشروعات الكبرى من خلال أدوات تمويل غير تقليدية.
وأوضح الصاوي أن هذه الخطوة تمهد الطريق لاستخدام الصكوك السيادية كأداة مالية متقدمة تتيح للدولة الاستفادة من أصولها كضمان لعوائد مستقبلية، دون التفريط في ملكيتها.
وشرح أن الصكوك السيادية ببساطة تقول للمستثمر أن لدي أصل ثابت يدُ عائداً مستقراً، يمكنك الاستفادة من هذا العائد لفترة محددة مقابل تمويل يتم ضخه اليوم في مشروعات الدولة
وأشار إلى أن هذه الآلية نعد نقلة نوعية في إدارة الأصول، حيث تقوم على رهن العائد وليس الأصل نفسه، ما يخلق سيولة فورية دون المساس بملكية الدولة لأراضيها، مضيفاً أن هذا النموذج يختلف جذرياً عن مشروع رأس الحكمة، حيث تم البيع المباشر للأرض، بينما في حالة رأس شقير تم تخصيص الأرض بقرار جمهوري بهدف توريق إيراداتها المستقبلية.
جذب مسثتمرين استراتيجيين
وشدد المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة بكرة القابضةأن وزارة المالية، بصفتها المسؤولة عن إدارة أصول الدولة الخاصة، ستطرح هذه الصكوك لمستثمرين استراتيجيين، من خلال إصدارات مرتبطة بمشروعات واضحة في نفس المنطقة، ما يعزز من الشفافية والجدوى الاقتصادية للمشروع. كما أكد أن الاعتبارات الأمنية لم تُهمل، حيث تم الحفاظ على التواجد العسكري في المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية.
3 عوامل تؤكد إيجابية القرار
من جهته، قال الدكتور مدحت نافع، عضو المجلس الاستشاري لمجلس الوزراء، إن قرار تخصيص الأرض لصالح وزارة المالية إيجابي بسبب 3 عوامل، الأول أن وزارة المالية تملك صلاحية التصرف في أصول الدولة كأسهم قطاع الأعمال العام، والثاني أن وزير المالية هو مقرر المجموعة الاقتصادية، مما يسل مناقشة الآليات التمويلية.
واستطرد أن العامل الثالث هو أن الصكوك تُبشر باستغلال الأرض دون التفريط فيها، إذ تُحوّل إيراداتها إلى تمويل دون تمليك الأصول.
وأكد نافع أن الحقائق المالية والتنظيمية تظل هي البوصلة الوحيدة لتقييم هذه الخطوة، فمسألة تخصيص الأرض لوزارة المالية لاستغلالها في تخفيف عبء الدين العام هي خطوة مفهومة في سياق اتفاقنا مع صندوق النقد الدولي، وفي ظل تضاؤل الحيز المالي للموازنة بسبب ارتفاع المديونية.
وشدد الأهم أن قصر آلية الاستغلال على إصدار الصكوك بدلاً من البيع أو التأجير طويل الأجل يعتبر مطمئناً من حيث الحفاظ على ملكية الأرض، لأن الصكوك – فلسفةً وقانونًا – لا تنقل ملكية الرقبة (الأصل) للمستثمر، بل تُورّق إيرادات المشروع فقط، دون إرهاق الخزانة العامة بديون إضافية».