سميح ساويرس: المناخ الاستثماري في مصر يتحسن.. والمستقبل في يد الجيل الجديد

قال رجل الأعمال سميح ساويرس إن مناخ الاستثمار في مصر يشهد تحسنًا ملحوظًا مقارنة بالفترات السابقة، موضحًا أنه لم يَضَع كل استثماراته في مصر، واتجه إلى دول مثل سويسرا نتيجة وجود تحديات كبيرة في بيئة الأعمال المحلية حينها، حيث إن المشكلات الاستثمارية في وقت سابق كانت لا تُحصَى، ولم يُقابَل المستثمرون بالترحيب، ولذلك توجهوا إلى دول أخرى لضخ استثمارات تحقق عوائد مجزية.

المستثمر الأجنبي شريك تنموي.. وحقوق الدولة مضمونة بالعقود الدولية
وأضاف ساويرس: «الآن، وبعد أن كبرت وبلغت 68 عامًا، لا أملك رفاهية البدء في مشروع ضخم جديد مثل الجونة، فالعائد يحتاج إلى سنوات، وسيحين وقته بعد أن أكون بلغت المائة، لكن الأمل معقود على الجيل الصاعد، مثل ابني الذي أصبح رئيسًا لشركة «أوراسكوم»، وهو مقتنع بأن مصر تستحق، ولديه أمل حقيقي».
مشروع رأس الحكمة
رأس الحكمة أعظم مشروع سياحي في مصر.. وتنفيذه في 3 سنوات يعكس قوة الاستثمار
وتطرق إلى مشروع «رأس الحكمة»، واصفًا إياه بأنه «أعظم مشروع سياحي في مصر»، مؤكدًا أن إنشاء مدينة بهذا الحجم يتطلب استثمارات ضخمة لا يستطيع المستثمرون المحليون تحملها بمفردهم، وقال: «مدينة الجونة احتاجت مني إلى 35 عامًا لتنفيذها لعدم وجود إمكانيات مالية كافية، في حين أن مستثمري رأس الحكمة يمكنهم تنفيذ مشروع مشابه خلال عامين أو ثلاثة».
وشدد ساويرس على أن الملكية الأجنبية للمشروعات لا تقلل من قيمة الاستثمار، قائلًا: «المستثمر الأجنبي لن يحمل المدينة ويرحل بها، بل هو إضافة لمصر، كما أن هناك عقودًا دولية تُنظِّم العلاقة بين المستثمر والدولة وتحفظ حقوق الطرفين»، مشيرًا إلى أن المستثمرين الأجانب غالبًا ما يكونون أكثر التزامًا بالمعايير البيئية مقارنة ببعض المستثمرين المحليين.
وحول تقديم تسهيلات للمستثمرين الأجانب أكد سميح أن أي دولة تسعى إلى جذب مستثمر تعمل على تقديم تسهيلات له، ومن حق أي مستثمر أن يطلب تسهيلات مقابل ضخ حجم ضخم من الاستثمارات.
وأشار إلى أنه حصل على تسهيلات عند تنفيذ مشروعه في سويسرا، حيث يعد المستثمر الوحيد الذي حصل على استثناء للبيع للأجانب نتيجة حجم الاستثمارات التي ضخها في المشروع.
وأشار سميح ساويرس إلى تعرضه لتعطيل في عدد من مشروعاته داخل مصر نتيجة رفضه دفع رِشًا، مؤكدًا أن الأمر بالنسبة إليه ليس مسألة مالية، بل مسألة إيمان.
وأوضح أنه في بداية مسيرته المهنية واجه صعوبات بسبب تفشي ثقافة الرِّشَا في استخراج التراخيص وإنهاء الإجراءات، لكنه مع الوقت اختار أن يلتزم بمبدأ واضح.
وأضاف: «عندما وجدت أنني غير قادر على مقاومة الضغوط، بدأت أضع لنفسي حدودًا. إذا كان المشروع الثالث يحتاج إلى رشوة فأنا لا أحتاج إليه».
وأشار إلى أنه لا يمكن لوم كل من يدفع رشوة، فلكل شخص ظروفه، قائلًا: «البعض عليه مسؤوليات أسرية وضغوط معيشية، وقد لا يمتلك رفاهية الرفض، أما أنا فلو جلست في منزلي الآن دون عمل فلن أحتاج إلى شيء، وهذا ما يجعل التزامي أسهل من غيري».
الرسوم والضرائب
الرسوم المتعددة ترهق المستثمر أكثر من الضرائب وتؤثر في سير المشروعات
وفيما يخص منظومة الرسوم والضرائب أوضح أن العبء الأكبر على المستثمرين لا يأتي من الضرائب، بل من الرسوم المتعددة التي تُفرَض على مراحل المشروع المختلفة؛ من التراخيص إلى التجديدات.
وقال: «البعض يتحدث عن انخفاض الضرائب مقارنة بالدول الأخرى، ولكن لا يُحتسَب ضمن ذلك تكلفة الرسوم، التي تُفرَض على قيمة الاستثمار أو حجم المبيعات، بغض النظر عن الربح أو الخسارة، على عكس الضرائب التي تُفرَض على الأرباح فقط».
وقال فيما يخص خدمة «الشباك الواحد» إنها في التطبيق العملي لم تؤدِّ إلى تسهيل الإجراءات كما كان متوقعًا، بل تسببت في زيادة المدة الزمنية المطلوبة للحصول على الموافقات.
وأضاف: «قبل هذه السياسة كان المستثمر يتوجه إلى كل وزارة مباشرة، وكانت الإجراءات أسرع، أما الآن فالحصول على موافقة واحدة بعد الشباك الواحد يستغرق خمسة أضعاف الوقت بسبب غياب الصلاحيات الكاملة».
لن أترك ثروتي كاملة لأبنائي.. والميراث الكبير يقتل روح الابتكار
وقال المهندس سميح ساويرس إنه لن يُورِّث كامل ثروته لأبنائه، بل سيكتفي بمنحهم جزءًا منها فقط، مشيرًا إلى أن الميراث الضخم يُفقِد الأبناء القدرة على الابتكار وتجربة البناء من الصفر، و«يحرمهم متعة الإنجاز».
وأضاف أن الجزء الآخر من الثروة سيوجه إلى الأعمال الخيرية والخدمة الاجتماعية، معتبرًا أن الثراء الحقيقي ليس في امتلاك الأموال، بل في الشعور بالرضا، وقال: «أعرف مليارديرات لديهم أموال طائلة لكنهم في الواقع فقراء بسبب عدم رضاهم».
المسؤولية الاجتماعية
ويرى سميح ساويرس أن مفهوم «المسؤولية الاجتماعية» يُفهَم في كثير من الأحيان بشكل محدود، حيث يُختزَل غالبًا في التبرعات أو المشروعات الخيرية، مثل بناء مستشفى أو التبرع للأيتام، وهي أمور مهمة دون شك، ولكن المسؤولية الاجتماعية أوسع من ذلك بكثير.
وأوضح ساويرس أن المسؤولية الاجتماعية الحقيقية تبدأ من قرارات الاستثمار نفسها، مشيرًا إلى أنه على المستثمر أن يسأل نفسه بعض الأسئلة، مثل: أين قررت أن تستثمر؟ كيف تتعامل مع الناس؟ كيف تتعامل مع البيئة؟ هل تراعي العدالة؟، مؤكدًا أن البُعد الاجتماعي للاستثمار لا يقل أهمية عن العائد المادي، بل يشكل ركيزة أساسية لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة.
وقال ساويرس إن مسؤولية حماية العامل تقع على عاتق الدولة عبر القوانين وليس على رجال الأعمال، مشيرًا إلى أن عدد موظفي الحكومة في مصر ضخم، ويتسبب في تدهور الخدمات العامة.
واقترح تخفيض عدد موظفي الجهاز الإداري للدولة تدريجيًّا خلال خمسين عامًا، وإعطاء غير الضروريين منهم إعانة بطالة، قائلًا: «من الأفضل الاكتفاء بعدد محدد يدير العمل بفاعلية».

